استنجد اليمن بالسعودية لوقف انهيار عملته الوطنية، وقالت حكومة اليمن الشرعية إنها بحاجة لوديعة بملياري دولار كانت قد تعهدت بها حليفته الرئيسية السعودية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لتحقيق استقرار الريال اليمني الذي سجل مستويات جديدة منخفضة هذا الأسبوع، ما يدفع بالشعب الذي يعاني من الفقر والغلاء خطوات أكثر صوب الجوع.
وانخفض سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار بشكل غير مسبوق، خلال تعاملات بداية الأسبوع، إذ اقتربت العملة الأميركية من 500 ريال يمني في السوق السوداء، مع عجز البنك المركزي عن إيقاف التهاوي المتسارع نتيجة نفاد الاحتياطي من العملات الأجنبية، فيما لجأ الحوثيون للحلول الأمنية.
وأكد صرافون ومتعاملون لـ"العربي الجديد"، أن سعر صرف الريال بلغ نحو 500 ريال للدولار في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ونحو 495 ريالا للدولار في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب)، حيث مقر الحكومة المعترف بها دولياً.
ويبلغ السعر الرسمي المحدد من البنك المركزي 380 ريالاً للدولار، منذ منتصف أغسطس/ آب الماضي، بعد قرار البنك تعويم العملة المحلية وتحرير سعر الصرف.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن المتحدث الرسمي باسم الحكومة راجح بادي قوله، أمس الاثنين: "التحرك الحكومي في هذا الجانب يتم على عدة مسارات، وفق الخيارات المحدودة والمتاحة، وبينها تكثيف التواصل... للتسريع باستكمال إجراءات الوديعة السعودية".
ولم يرد مسؤولون سعوديون على طلب للتعليق بشأن الأموال التي يقال إن المملكة وعدت بها.
وكان الرئيس هادي أعلن في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن الرياض وافقت على إيداع ملياري دولار في البنك المركزي اليمني من أجل دعم الريال وتدبير شحنات وقود تحتاجها البلاد بشدة.
ونقلت حكومة هادي البنك المركزي في 2016 من العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون إلى مدينة عدن الساحلية الواقعة في جنوب البلاد والتي تتخذها الحكومة مقرا في الوقت الحالي.
ويعاني اليمن من الانقسام بسبب الحرب المستعرة منذ نحو ثلاثة أعوام بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا والمدعومة من السعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران.
وأحدث الصراع أسوأ أزمة إنسانية في العالم، والتي شهدت تفشيا لوباء الكوليرا هو الأكثر فتكا في العصر الحديث، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي الذي أدى إلى انتشار الجوع.
وسعت السلطات إلى زيادة السيولة من خلال طبع النقود، لكن العملة المحلية هوت من 250 ريالا للدولار إلى 350 ريالا بعد تداول أول دفعة من النقد المطبوع حديثا العام الماضي. وجرى تداول العملة المحلية عند 440 ريالا للدولار بنهاية العام، وهوت هذا الأسبوع إلى نحو 500 ريال للدولار.
ويعاني البنك المركزي في عدن والآخر في صنعاء من نضوب الاحتياطي الأجنبي مع تجميد أموال البلاد في الخارج بسبب الانقسام وتهاوي صادرات النفط، لكنهما اضطلعا بدور مهم في تخفيف المعاناة الاقتصادية المنتشرة على نطاق واسع من خلال دفع بعض أجور القطاع العام حيث ينذر ارتفاع الأسعار بألا تصبح السلع الأساسية في متناول يد الكثير من اليمنيين.
وتتهم السلطات في عدن الحوثيين بنهب احتياطيات البنك من العملة الصعبة لتمويل جهودهم الحربية عندما كان البنك يتخذ من العاصمة مقرا، وهي اتهامات تنفيها الجماعة والبنك في صنعاء.
وتقف الحكومة عاجزة عن مواجهة تهاوي الريال نتيجة نفاد احتياطي البلاد من العملات الصعبة، واستمرار تعطل البنك المركزي بعد قرابة عام و4 أشهر من قرار نقل إدارة عملياته إلى العاصمة المؤقتة عدن، بدلا من صنعاء.
وعقدت الحكومة، الأربعاء الماضي، اجتماعا استثنائيا لمناقشة التهاوي المتسارع للعملة المحلية، وشدد الاجتماع على تفعيل الدور الرقابي للأجهزة الأمنية، و"الضرب بيد من حديد ضد المتلاعبين".
وفي صنعاء لجأ الحوثيون إلى الحلول الأمنية في تعاملهم مع أزمة تهاوي قيمة العملة، حيث قاموا باعتقال عشرات الصرافين، وممارسة ضغوط على التجار لإعلان تخفيضات في أسعار المنتجات، ومصادرة أموال شركات صرافة.