حوّلت الحرب حياة أطفال اليمن إلى جحيم، فبعد أكثر من عامين ونصف العام من القتال باتت الطفولة فريسة لأزمات مركبة، تبدأ من القتل والمجاعة وتوقف التعليم، ولا تنتهي عند أوبئة قديمة عادت بقوة لتحصد أرواح الآلاف منهم، وخلافاً لباقي شرائح المجتمع، يدفع الأطفال الثمن الباهظ للحرب المستعرة، منذ 26 مارس 2015، إذ تتوسع دائرة الخطر يوما بعد آخر، ومن يتمكن من البقاء منهم على قيد الحياة، يصبح محروماً من مقوماتها البسيطة.
وبشكل لافت، قفز عدد الأطفال المحتاجين لمساعدات إنسانية.. فبعد أن كان لا يتجاوز مئات الآلاف، قبل اندلاع النزاع عام 2014، كشفت الأمم المتحدة عن ارتفاع مهول، إذ أظهر إحصاء، صدر الإثنين الماضي، ارتفاع عدد الأطفال المحتاجين لمساعدات إلى أكثر من 11 مليونا.
وبدأ النزاع في اليمن باجتياح مسلحي (الحوثي) والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، العاصمة صنعاء، 21 سبتمبر 2014، قبل أن يسيطروا على محافظات أخرى، واستثمرت المنظمات الأممية اليوم العالمي لشلل الأطفال، 24 أكتوبر، لقياس حالات سوء التغذية الحادة التي تقترب من المجاعة، وإجراء مسح للأمراض المزمنة لدى الأطفال، بما فيها السكري والضغط والربو والصرع، لمعرفة حجم انتشارها، بجانب تطعيم 5 ملايين و300 ألف طفل، وبلغ عدد الأطفال المحتاجين لمساعدات، نتيجة للصراع المدمر، منذ مارس 2015 11 مليونا و300 ألف، وهذا الرقم، يمثل حوالي 79% من إجمالي إطفال اليمن (قرابة 14 مليوناً و304 آلاف طفل دون 18 عاماً) ويعاني 8 ملايين و100 ألف طفل من خطر الإصابة بسوء التغذية الحاد المتوسط، فيما يعاني 386 ألف طفل من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أسوأ حالات الجوع.
ويموت طفل واحد على الأقل في اليمن كل 10 دقائق، لأسباب يمكن الوقاية منها، مثل سوء التغذية والإسهال والتهابات الجهاز التنفسي، وفاقم وباء الكوليرا، المتفشي منذ أواخر أبريل، من حالات سوء التغذية لدى الأطفال، جراء الإسهالات الحادة، و26% من الحالات المشكوك في إصابتها بالكوليرا هي لأطفال دون سن الخامسة، و56% منها لأطفال دون 18 عاما، كما ظهرت أوبئة مثل حمى السحايا الدماغية، التي قتلت عشرات الأطفال، وعاد مرض الحصبة إلى الواجهة، ولاسيما في المحافظات النائية شمالي اليمن.
ورغم العدد الكبير للوفيات، نجحت التدخلات الدولية في الحفاظ على أرواح الآلاف من الأطفال، وتعرضت المؤسسات التعليمية لأكبر عملية تدمير خلال القتال، فضلا عن احتلالها وتحويلها من قبل أطراف النزاع إلى ثكنات عسكرية ومقرات ومعتقلات، فيما تم استخدام بعضها كملاجئ للنازحين وتضررت 2531 مدرسة حكومية وهو ما يتسبب في حرمان مليون و500 ألف طفل من التعليم، وتبلغ تكلفة إعادة البناء ملياراً ونصف المليار دولار.
وإضافة إلى الظروف المعيشية المتردية التي يعانيها أطفال اليمن جراء الحرب، وقع المئات ضحايا لنيرانها المباشرة، أو تم تجنيدهم بشكل غير قانوني، وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بمقتل حوالي 1700 طفل، حتى أواخر سبتمبر الماضي، وإصابة 6 آلاف آخرين بجروح. فيما تم التحقق من تجنيد أكثر من 1600 طفل (تحت18 عاماً) بشكل غير قانوني، رغم أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى من ذلك بكثير، بحسب الأمم المتحدة.