يستقبل مستشفى السبعين في صنعاء كل دقيقة مصابا واحدا على الأقل بالكوليرا التي اجتاحت البلد الفقير الغارق في نزاع مسلح، متسببة بوفاة 923 شخصا ومهددة حياة 124 ألفا آخرين.
وبعدما فاقت أعداد المرضى قدرة المستشفى على الاستيعاب، لجأ المسؤولون فيه على غرار مستشفيات أخرى، لنصب خيام في محيطه، بينما اكتظت أروقة المبنى الرئيسي بالمرضى الذين افترش بعضهم الأرض.
يقول الطبيب اسماعيل المنصوري "استقبلنا عددا كبيرا جدا من المرضى، ومنذ أسبوعين نستقبل في الدقيقة الواحدة من حالة واحدة إلى حالتين أو ثلاث حالات".
وفي مركز مكافحة الكوليرا في المدينة، حذر الطبيب ماهر الحداء من "ارتفاع مخيف جدا في أعداد الحالات"، حتى أصبح المركز يستقبل في اليوم الواحد "ما يزيد عن 300 حالة، بينهم أطفال ونساء".
في بلد تعاني مراكزه الصحية من نقص في المستلزمات، تزيد الكوليرا من معاناة اليمنيين الذين يدفعون منذ 2014 الثمن الأكبر للنزاع بين المسلحين الحوثيين والقوات الحكومية.
"غير مسبوقة"
منذ نهاية نيسان/أبريل، اجتاحت الكوليرا 20 محافظة من مجمل محافظات اليمن الـ22، وأدت في نحو ستة أسابيع إلى وفاة 923 شخصا وإصابة 124 ألف شخص، حسب آخر إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".
وقالت المنظمة إن الأطفال يشكلون ربع الوفيات ونصف أعداد المصابين.
وتقول الأمم المتحدة إن أعداد الإصابات ترتفع بوتيرة "غير مسبوقة"، وتحذر من أن الوضع قد يزداد سوءا خلال موسم الأمطار وفي ظل النقص الحاد في المستلزمات الطبية بفعل النزاع.
ورغم أن الكوليرا تفشت بداية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، إلا أنها سرعان ما انتقلت إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، وبينها عدن في الجنوب حيث أعلنت مصادر طبية وفاة 27 شخصا وإصابة نحو ثلاثة آلاف شخص آخر.
ويوضح ماجد الداري مدير قسم الكوليرا في مستشفى الصداقة في عدن أن القسم استقبل "أكثر من ثلاثة آلاف حالة يشتبه بإصابتها بالكوليرا، بينها 200 حالة وصل أصحابها في الأيام الأخيرة".
واعتبرت يونيسف في بيان الثلاثاء أن وباء الكوليرا "أتى على ما تبقى من النظام الصحي في اليمن الذي مزقته الحرب. فالمستشفيات والمرافق الصحية تكابد الأمرين في التعامل مع العدد المتزايد من المرضى في جميع مناطق البلاد".
وحذرت المنظمة من أن "الأدوية والمحاليل الوريدية تستنفد بسرعة"، وقالت إنه "في ظل غياب أي بوادر تلوح في الأفق لوقف النزاع الدائر فمن المحتمل أن يستمر وباء الكوليرا، وربما أمراض أخرى، في إزهاق أرواح الأطفال في اليمن".