مع اقتراب اليمن من المجاعة، يسابق الرعاة الإقليميون والدوليون الزمن لتحقيق أي انفراج من شأنه وقف القتال، والدخول في مسار سياسي قد يكون طويل الأمد.
ومع زيادة التحذيرات الأممية من دخول اليمن مرحلة المجاعة بعد نحو عامين على الحرب توقفت خلالها كل مصادر الدخل وعجز البنك المركزي عن دفع رواتب الموظفين منذ ما يزيد عن أربعة أشهر، أظهرت الأطراف المتصارعة مواقف إيجابية باتجاه وقف إطلاق النار واستئناف المباحثات.
فالحكومة المعترف بها دوليا أعلنت عن مشاركة ممثليها في اجتماعات اللجنة العسكرية المكلفة بتثبيت وقف إطلاق النار تمهيدا لانطلاق مباحثات سياسية استنادا إلى خطة السلام المقترحة من الأمم المتحدة، وذلك بعد يوم على تأكيد ممثلي جماعة "أنصار الله" استعدادهم لتقديم تنازلات من أجل السلام.
وأكد وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي أن حكومته مستعدة للمشاركة في اجتماع لجنة التهدئة والتواصل، الذي دعا المبعوث الدولي الخاص باليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى عقده في الأردن، وأنها تقدر كل الجهود الدولية من أجل الوصول إلى السلام، غير أنه تجنب الحديث عن مضامين بيان اللجنة الرباعية بشأن اليمن وخطة السلام التي أيدتها، ولم يوضح ما إذا كانت الحكومة قد قبلت بالخطة، التي سبق لها أن رفضتها قبل تعديل جزء بسيط من مضامينها.
بدوره، ذكر الناطق باسم وزارة الخارجية الأردنية صباح الرافعي أن بلاده تلقت طلبا من اللجنة الرباعية لاستضافة ورشة العمل للجنة التهدئة والتنسيق لوقف إطلاق النار في اليمن، وأنها "ستنظر في الطلب، ولم يتم اتخاذ قرار بالموافقة بعد".
ميدانيا، ومع استمرار المعارك في أكثر من جبهة، ذكرت القوات الموالية للرئيس هادي أنها أحرزت تقدما جديدا في جبهة البقع بمحافظة صعدة، واستولت على أسلحة نوعية، وفق ما قاله قائد محور البقع العميد عبيد الأثلة، الذي تحدث عن طرد المسلحين الحوثيين وأنصار الرئيس السابق، علي عبد الله صالح من مناطق واسعة بعد معارك واشتباكات".
وبحسب العميد الأثلة، فإن القوات الحكومية استولت على مدفع متطور ونواظير ليلية، وإنها مستمرة في التقدم وعازمة على تطهير ما تبقى من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وحلفائهم. فيما ذكرت مصادر محلية أن 17 جثة لمقاتلين مؤيدين للحكومة، قتل أصحابها في المواجهات مع الحوثيين في محور البقع، قد وصلت إلى مدينة عدن.
أما في البيضاء، فعادت المواجهات إلى مديرية القريشية بين القوات الموالية للرئيس هادي والمسلحين الحوثيين وحلفائهم، مخلفة قتلى وجرحى من الطرفين. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن هذه القوات صدت هجوما، شنه الحوثيون على مواقعهم في مناطق الجسيمة بإسناد من المدفعية الثقيلة والدبابات.
من جانب آخر، أعلن الحوثيون إن مقاتليهم تصدوا لمحاولة زحف للمقاتلين المؤيدين لهادي في منطقة الناصفة التابعة لمديرية ذي ناعم بمحافظة البيضاء، وكبدتهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
ووفق ما أورده مصدر عسكري في الجماعة، فإن مقاتليهم تمكنوا من دحر مقاتلي الحكومة من خمسة مرتفعات بمديرية جبن التابعة إداريا لمحافظة الضالع.
إنسانيا، قالت منظمة رعاية الأطفال العالمية إن ثمانية ملايين طفل مهددون بالحرمان من الرعاية الصحية من جراء انهيار الخدمات الصحية في اليمن.
وأكدت المنظمة في بيان لها أن أكثر من 270 مرفقا صحيا دمرت نتيجة الصراع، إضافة إلى أن أكثر من نصف المرافق الصحية قد أغلقت بشكل كلي أو جزئي، ما تسبب بحرمان ثمانية ملايين طفل من الخدمات الصحية الأساسية.
وبحسب المنظمة، فإن النقص الحاد في المستلزمات الطبية والموظفين قد تسبب في وفاة عشرة آلاف طفل سنويا لأسباب كان من الممكن تجنبها، وأن ما لا يقل عن ألف و219 طفلا توفوا كنتيجة مباشرة للقتال.
وقال المدير القطري للمنظمة، إدوارد سنتياغو إن فوضى الحرب تسببت في فقدان بعض الآباء أعمالهم ومصادر رزقهم، والعديد من السكان اضطروا إلى بيع ممتلكاتهم كالجواهر والمركبات واسطوانات الغاز والأراضي من أجل توفير تكاليف المواصلات إلى المستشفيات، لكنهم عندما يصلون لا يكون بمقدورهم تحمل تكاليف الأدوية اللازمة لأطفالهم، كما قد لا يجد آباء آخرون الأدوية المنقذة للحياة في المرافق الصحية".