وكأن الحرب والتشرد والموت لا يكفي اليمنيين، فاللحوم الفاسدة تضاف إلى لائحة الأزمات التي تعبث بحياتهم. إذ برزت في الآونة الأخيرة أصوات من المواطنين تدعو إلى مراقبة المسالخ الخاصة. فهذه الأخيرة تعمل على بيع اللحوم الحمراء دون فحص طبي، والمستهلك لا يهتم كثيراً بمدى خضوع المواشي للفحوص. يعمد الجزارون (بائعو اللحوم) إلى بيع مختلف أنواع المواشي لتغطية حاجة السوق المحلية، حيث يلجؤون إلى ذبح المواشي الصغيرة، وكذلك ذبح إناث المواشي لتغطية الطلب، دون رقابة صحية، وهو ما يهدد بحدوث كارثة حتمية تطاول الثروة الحيوانية في البلاد من جهة، وصحة المواطن من جهة أخرى، بحسب ما يؤكده الخبير طاهر الحميري.
وفي حين ينفق اليمنيون أكثر من 65% من مداخيلهم على الطعام، وفي ظل اعتبار اللحوم الحمراء من أساسيات المائدة اليومية، يشير الحميري لـ"العربي الجديد" إلى أن هذا النمط الاستهلاكي المتوارث، يؤثر سلباً على الثروة الحيونية، كما أنه يزيد من توسيع الفجوة الاستهلاكية، وبالتالي اللجوء إلى الاستيراد الذي يُكلف الاقتصاد الوطني الكثير من العملة الصعبة.
سلامة الغذاء
وبحسب القوانين الخاصة بسلامة الغذاء، يتطلب من بائعي اللحوم ضرورة التقيد بذبح المواشي في المسالخ المركزية، إلا أن القوانين لا تنفذ، خصوصاً مع الأزمة القائمة، وفق ما يؤكده عزالدين صالح الضبيبي، مالك مسلخ لبيع اللحوم بصنعاء، ويقول" لا تلتزم المسالخ الخاصة بإجراء فحوصات طبية على المواشي، حيث تقوم بذبحها بعيداً عن أي إطار للرقابة".
ويشير الضبيبي إلى أن حدود الكارثة لا تقف هنا، بل تتعلق بذبح إناث المواشي، في الوقت الذي ينبغي الاهتمام بتربيتها من أجل الحفاظ على الثروة الحيوانية.
من جهة أخرى، ينتقد الجزار محمد طاره في حديثه لـ"العربي الجديد" واقع المسالخ الحكومية في اليمن، ويقول "لا تمتلك المسالخ المركزية المؤهلات التي تمكنها من القيام بدورها في الرقابة على سوق اللحوم، بما يضمن سلامة ما يستهلكه الناس من لحوم، خاصة في ظل انتشار أمراض بين المواشي المحلية والمستوردة، أبرزها مرض الطاعون والأمراض الأخرى المُعدية التي تجعلها غير صالحة للاستخدام الأدمي".
من جهته، يؤكد أحد مسؤولي المسلخ المركزي في منطقة نقم بالعاصمة صنعاء لـ"العربي الجديد" أن ما نسبته 90% من المسالخ الخاصة في العاصمة صنعاء تقوم بالذبح داخل محلات بيع اللحوم، دون أن تلتزم بالذبح في المسالخ المركزية التابعة للدولة، في حين أن 10% من المسالخ فقط تقوم بفحص المواشي وذبحها في المسالخ المركزية. ويعزو غياب الرقابة في المسالخ الخاصة إلى غياب الإمكانيات المادية، إضافة إلى غياب دور وزارة الصحة والبيئة في معاقبة المخالفين الذين يقومون بالذبح دون فحص صحة وسلامة المواشي، ما يدل على أن هناك قصوراً كبيراً من جانب الجهات المعنية بالرقابة.
تزداد مخاوف المستهلك في عدم حصوله على لحوم سليمة بشكل كبير جداً جراء الإهمال الذي تعانيه الثروة الحيوانية، حيث لا يتم تحصين وعلاج المواشي في مختلف المزارع اليمنية، خاصة أن هناك أمراضاً مزمنة تصيب الثروة الحيوانية وتتطلب إجراءات وقاية بصورة مستمرة. ويقول وكيل وزارة الزراعة اليمنية لقطاع الخدمات الزراعية محمد يحيى الغشم لـ"العربي الجديد" إن الثروة الحيوانية في اليمن تعاني من ضعف الاهتمام الرسمي، حيث تتعرض مئات المواشي للموت، وتغيب اللقاحات والعلاجات، كما أن وزارة الزراعة المعنية بتنمية الثروة الحيوانية غير قادرة على توفير اللقاحات والعلاجات. وفي الوقت ذاته تحجم كافة الجهات المالية عن صرف الاعتمادات المالية المتعلقة بالحفاظ على المواشي، الأمر الذي يهدد صحة وسلامة المستهلك اليمني، خاصة أن هذه المواشي لا يتم فحصها في المزارع إضافة إلى عدم خضوعها للفحص لدى المسالخ.