ملتقى مشائخ ووجهاء اليمن يدين العدوان الصهيوني على اليمن         تكتل قبائل بكيل يهنئ اليمنيين بالذكرى الـ34 للوحدة اليمنية         ملتقى مشائخ ووجهاء اليمن يهنئ أبناء الشعب بالذكرى الـ34 للوحدة اليمنية     


كتابات وآراء

الزمن الجديد

عبدالرحمن مراد 09/02/2014 08:36:21

صحبنا نعيش زمناً جديداً تعدد فيه الواحد ليصبح أكثر من واحد، وتعددت فيه الكيانات لتصبح أكثر من كيان, وتبعاً لذلك التعدد في الواحد تعدد المفهوم ليصبح أكثر شمولاً وأكثر اتساعاً فضيق المفهوم وانحصاره لم يعد مقبولا في واقع يعيش نموذجاً ثقافيا منفتحا على الكون المعرفي وعلى الأبعاد الفلسفية للعولمة لذلك فالقول بالبقاء في النقاط المضيئة للماضي فناء وفناء مضاعف والذين واقعون تحت تأثير المتغيرات الجديدة لن تعفيهم هول اللحظة ودهشتها من التقاط الأنفاس والدخول في دائرة الوعي بالمتغير فالإيقاع أكثر سرعة ويسير بسرعة البرق ومواكبة ذلك الإيقاع لن يكون إلا بالتهيئة النفسية والثقافية والأخلاقية لضرورات الزمن المتسارع الجديد وحين ينغلق الفرد أو الجماعة أو الحزب في المحددات الثقافية والأخلاقية التي أنتجها الماضي فتلك المقدمة المنطقية ستكون هي الشعور بالاغتراب والشعور بالغياب كنتيجة منطقية في الزمن الآتي من بين غيوم الغيب.

فالثورات تحدث تبدلاً في شكل العلاقة بين الدولة والمؤسسات الاجتماعية والثقافية وبين فرق وطوائف المجتمع، فالتبدل والتغيير من خاصية الثورات والهزات الاجتماعية العنيفة التي حدثت في دول ما يسمى بالربيع العربي، ولذلك لا تكف الأخبار في تناولاتها اليومية عن الحديث عن دول الربيع العربي، فالتدافع الذي يحدث هو صراع بين ماض يتشبث بالوجود وبين حاضر متبدل يرغب في الوجود ومثل ذلك التدافع من سنن الله في كونه ويحدث خوف الفساد وخوف الثبات وتبعاً لذلك التدافع تتمايز الناس الى جماعات وأحزاب ويحدث أن يطغى الأقوى ويستبد، والطغيان والاستبداد من طبائع المنتصر في أي تجمع بشري ولن تجد منه إلا الفنون التي تجهد في تكثيف موضوعها في صناعة حيوات وبحيث تجعل من فردية الفرد كلية فهي عن طريق الفن تعمل على زيادة الوعي باللحظة والوعي بالذات في إطار المجموع الوطني أول الإقليمي أو العالمي.

وبرز في الآونة الأخيرة الحديث عن التطورات الاجتماعية والثقافية وجدلية الاندماج الاجتماعي والاندماج السياسي للجماعات والأحزاب والطوائف، وما يزال العقل الاجتماعي والعقل الفلسفي.

يخوض في تفاصيل الحركة الاجتماعية التي تعيد إنتاج نفسها من خلال الاشتغال على التفكيك في البنى التقليدية وذلك بحثا عن وسائل مثلى لدعم ثقافة التسامح وقبول الآخر والاعتراف بوجوده والتعايش معه واحترام معتقداته وثقافته، ولعل البحث عن تلك العلاقات الشكلية بين مكونات المجتمع المختلفة والدولة وفق المفهوم الجديد الذي أفرزته وتعززه حركة المجتمع يقود إلى الحديث عن دمج كل الفرق والجماعات والأحزاب في إطار المفهوم الجامع الشامل الذي تستظله عبارة (المواطنة المتساوية).

ولعل إشباع مفهوم المواطنة تنظيراً وجدلاً وتكثيفا وتشريعا وممارسة هو الباب الذي نلج منه إلى البناء الصحيح في توطيد الروابط الاجتماعية والمشاركة في النشاط الاجتماعي المتنوع سياسياً واقتصاديا واجتماعياً وثقافيا وبحيث نصل إلى حقيقة الاستقرار والشعور بالوجود لكل أطياف المجتمع ومكونه العام فالتعدد ظاهرة محمودة تمنع الاستبداد وتحد من الطغيان من خلال التدافع الصامت الذي يحدث بين مؤسسات الدولة المختلفة وبين المؤسسات المدنية والذي يحدث بشكل غير مباشر وبصورة بينيه فالفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية يعمل على تفعيل خاصية التدافع الصامت من خلال المواجهة والاحتكاك بين السلطات فالسلطات الثلاث تحتك وتتضاد مع الآخر وبما يفضي إلى القول ان الدولة من خلال تعدد سلطاتها ستحد الدولة.

ذلك أن السلطة في ظل التعدد والتنوع وفي ظل الأنظمة الديمقراطية الحديثة لها شكلان شكل داخل الدولة والآخر خارجها، فالسلطة داخل الدولة كما يرى ذلك فقهاء القانون هي للقانون، فالدولة تكون طرفا دستوريا محايدا ومسؤولو الصف الأول لن يكونوا إلا مواطنين ترتبط سلطتهم بالقانون والفترة الزمنية التي ينص عليها الدستور وبحيث لن يكون بوسع أي جماعة أو حزب أو طائفة أن يتجاوزوا ذلك السقف الزمني.

أما الشكل الذي خارج الدولة فيتمثل في إعادة توزيع السلطة والنفوذ بالطريقة التي تحفظ التوازن بين المجمع الرسمي أي مجتمع الدولة وبين المجتمع المدني من أحزاب ونقابات ومراكز ومراجع دينية وهذا الشكل يخلق لحظته المتفاعلة مع الزمن ويحد من الصراع ويقلل من ظواهر الطغيان والاستبداد والفساد وبما يتوافق مع المصالح المرسلة للجماعات والكتل التاريخية التي تعمل حركة المجتمع على خلقها في لحظات التحول والتبدل.

كما قلنا آنفا في السياق ان المفهوم يتغير تبعا لما هو كائن من حركة وتغير وتبدل وتعدد فالوعي الاجتماعي كان في زمن ما قبل 2011م ضحية تعسف رسمي متعدد الجوانب والآليات عمل على إخضاع مشاعر الناس وعقولهم على التصور بأن مفهوم الدولة لا يتجاوز الهيمنة السياسية ومجموعة الرموز التي يخضعون لها كالرئيس والوزير والمحافظ والشيخ ولكنه ومن خلال ما نشهده من حركة بدأ يقرأ الفروق اللازمة بين مفهوم سلطة الدولة ودولة السلطة فالسلطة الدولة تعني أن جميع أجهزة الحكم فيها من مؤسسات ودستور وقوانين وقيادات تعمل في منظومة متكاملة لتحقيق الغايات الوطنية ودولة السلطة تعني أن أجهزة الدولة ومؤسساتها وأدواتها القانونية والدستورية تعمل في منظومة واحدة لتحقيق مصالح السلطة الحاكمة ويصبح الوطن وثرواته ومواطنيه ملكا لها.

وطبقا لما سبق نذهب إلى القول أن ما يحدث في واقعنا هو عملية انتقالية وتبدل في المفهوم ومثل ذلك يضعنا في مواجهة زمن جديد يتوجب التفاعل مع متغيرات وظاهرة العامة.



التعليقات