رئيس اللجنة التحضيرية للحركة السياسية لشعب الجنوب يهنئ بن شاجع بشهر رمضان         أمين عام حزب العدالة والحرية يهنئ بن شاجع بحلول شهر رمضان         اليمن: شخصيات اجتماعية وسياسية تهنئ الشيخ بن شاجع بحلول شهر رمضان     


كتابات وآراء

الحوار والأسئلة الصعبة

د . عبدالله عوبل 28/09/2013 09:07:06

بالنظر إلى تراجيديا الأحداث فـي بلدان الربيع العربي تتجدد القناعة لدى اليمنيين أن نهج الحوار الوطني الشامل يمثل طريقاً وحيداً وآمناً للوصول إلى تسوية حقيقية لكافة المشكلات الصعبة وبناء الدولة التي تحقق العدل واحترام النظام والقانون وحقوق الإنسان .

إن سير برنامج مؤتمر الحوار الوطني خلال الثلاثة الأشهر والنصف الماضية قد رفع من سقف التوقعات لدى بعض المهتمين وبالتالي درجة التفاؤل التي لم يخفِها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر .. مع الإقرار بالصعوبات والعوائق التي تضغط على مؤتمر الحوار من خارجه .. وقد أوردها بن عمر فـي آخر تقرير قدمه إلى مجلس الأمن فـي يونيو الماضي .

فالبيئة السياسية والأمنية والاقتصادية فـي المجتمع لا تمثل بيئة صالحة لاحتضان الحوار .. بل تضيف أعباءً إضافية على أجواء الحوار .. على الرغم من أن الأطياف الداخلة فـي مؤتمر الحوار تحاول الهروب من ضغوطات الحالة السياسية والأمنية عبر الوقفات الاحتجاجية التي تتخلل جلسات المؤتمر تجاه انحراف السلوك السياسي لبعض قوى الحوار خارج مؤتمر الحوار .

لقد انقضت الفترة الأولى بسيادة روح التوافق حول التحليلات المعمقة للمشكلات السياسية والاجتماعية الكبرى التي تمثل جوهر الأزمة ومفرداتها .. ولأن المتحاورين يؤرقهم البحث عن حلول وتحقيق حلم المجتمع للوصول إلى الدولة والمواطنة ؛ فإن الوقوف أمام التحليلات لجذور المشكلات لم يكن يحظى بأهمية ترقى إلى توقعهم للمخرجات والحلول .

فمن ناحية كان الخوض في مسألة الجذور يعني خوضاً في استعادة مشاهد الماضي الحزين .. ولا أحد يريد أن يتوقف عند أحداث الماضي التي تتداخل فيها القوى والمسؤوليات والجروح والمظالم .. ومن ناحية أخرى لم يتوفر الدافع الذي يحرك الجميع للوقوف أمام الأحداث الماضية .. وهو الرغبة المشتركة في المحاسبة والمصارحة على الرغم من حضور قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية ضمن أجندة المؤتمر .

لذلك سوف يفتقر مؤتمر الحوار إلى أحد الشروط الأساسية لنجاحه أي جبر الضرر والتعويضات والمصارحة، ولن تكون المخرجات الدستورية وحدها الكفيلة بحل تلك المشكلات إذا لم يتم ردم الشروخ الاجتماعية ورد المظالم وتحقيق المصالحة الوطنية .

المرحلة الأكثر أهمية هي المرحلة الحالية من الحوار ذلك لأن تحقيق التوافق على الحلول النهائية لن يتحقق بإرادة المتحاورين وحدها .. ولا يتحقق التوافق هنا لمجرد أن كل طرف يستطيع أن يقنع الآخرين بأطروحاته للحل .. هنا يجب أن يتوفر الدافع – المصلحة ؛

فمصالح الأطراف وأخذ كل طرف بعين الاعتبار مصالح الأطراف الأخرى .. إذا تحقق لن يكون إلا أحد وجوه التوافق .. الوجه الآخر هو الاعتراف بالأخطاء وإعادة الحقوق إلى أصحابها ورد المظالم وتعويض المتضررين فـي الأحداث المذكورة .

لذلك نحن نادينا منذ البداية وقلنا إن الدخول إلى مؤتمر الحوار يحتاج إلى مقدمات ضرورية ولازمة لتسوية الملعب أمام المتحاورين ولتحقيق رضا جمهور المتحاورين خارج مؤتمر الحوار وتصفية النفوس وإصلاح الأضرار .. ذلك مهم من أجل تسوية أرضية الحوار .

والواقع أن الدولة والرئيس عبدربه منصور هادي يدركون جيداً أهمية تسوية ملعب الحوار قبل انطلاقته فـي 18 مارس 2013م ، ولقد وافق الجميع فـي اللجنة الفنية للحوار ورئيس الجمهورية على النقاط العشرين ووجه بتشكيل لجان الأراضي والمسرحين قسراً من أعمالهم فـي الجنوب وصعدة .

ثمة صعوبات موضوعية أمام تحقيق النقاط العشرين ؛ فالقضايا جميعها تحتاج إلى مبالغ ضخمة من أجل إعادة شراء الأراضي أو التعويضات عن الأضرار ورد المظالم .. وللأسف

لم تساهم الدول الراعية للمبادرة الخليجية بأي قسط فـي توفير حد أدنى من التعويضات كشرط ضروري لاستعادة الوئام والسلام الاجتماعي وردم الشروخ في جسم المجتمع

وتآكله من أطرافه .

ولابد من إدراك أن قوى اجتماعية وسياسية لا تجد فـي مؤتمر الحوار ما يشير إلى اعتبار مصالحها التي تتعارض مع مصالح أغلبية المجتمع .. كما أن هذه المصالح التي تحققت بالسلب والنهب والفساد وأدت إلى تعميق المشكلات الاجتماعية .. تريد هذه القوى أن يتوقف مؤتمر الحوار عن الخوض فـي اقتراح حلول للمشكلات القائمة ، لأن ذلك يمثل مساساً بمصالحها الحيوية التي تعتبرها مكاسب لا يجوز المساس بها .

لذلك أتوقع أن تتزايد الضغوط من خارج مؤتمر الحوار على المتحاورين وافتعال مشكلات سياسية وأمنية تعزز القناعة باستحالة الوصول إلى بناء الدولة .. كما أن الوصول إلى حل للقضية الجنوبية وقضية صعدة سيكون مستحيلاً .. فـي ظل بقاء المظالم والحقوق المنهوبة .. وعدم اتخاذ خطوات جادة لتصفية كل الأسباب التي أوصلت الجنوبيين إلى المطالبة بالانفصال .

كل القضايا المطروحة للحوار يمكن أن يتحقق التوافق حولها .. ماعدا قضايا الجنوب وصعدة وقضية بناء الدولة المرتبطة بحلهما .. لا تعني مخرجات الحوار شيئاً إذا لم تحل قضية الجنوب وصعدة وقضية الدولة المرتبطة بهما .

لايتعلق الأمر بالتفاؤل أو التشاؤم .. بل بنظرة واقعية تجيب على الأسئلة التالية :

- هل توفرت أدنى الشروط لحل القضايا الثلاث الشائكة؟

- هل تتوفر الإرادة لدى المتحاورين لاعتبار مصالح كل الأطراف .. هل لدى الأطراف القدرة على ملاقات الآخرين عند منتصف الطريق ؟

- وهل يستطيع البعض أن يضحي بجزء من مصالحه من أجل الوصول إلى التوافق؟ .

- هل الدولة في وضع تستطيع فيه أن تفرض الأمن واحترام القانون لتوفير لبيئة أفضل للحوار؟ .

- هل الدولة لديها الإمكانيات لكي تبدأ الآن بتسوية الملعب من حيث جبر الضرر ورد المظالم والتعويضات ؟

- هل الدولة في وضع يمكنها من اتخاذ خطوات حاسمة فـي إزالة مظاهر التمايز الاجتماعي كمقدمة ضرورية لتأسيس المواطنة الحقيقية؟.



التعليقات